التعددية الثقافية و الثقة الاجتماعية

كتبهـا : كيري بولــتون .

ترجمهـــا للعربية : أحمــد سعــدون .
اقتراح و مراجعة : محمد المشـــاري .

أفضت مراجعةٌ ميتا-تحليلية واسعة لتأثير التنوع العرقي على الثقة الاجتماعية إلى أن هناك خطباً جسيماً في استخدام الشعارات من قبل السياسيين والأكاديميين ومسانديهم بخصوص المنافع المزعومة للتنوع العرقي . الدراسة هي : التنوع العرقي والثقة الاجتماعية: مراجعةٌ سردية و ميتا-تحليلية، نُشرَت هذه الدراسة على الإنترنت تمهيداً قبل نشرها في المراجعة السنوية للعلم السياسي

the Annual Review of Political Science :Volume 23, 2020 .

وجد باحثون من جامعة أوكسفورد أن الإنحياز العنصري المُضمَر من الممكن تقليله بإستخدام دواء القلب بروبرانولول Propranolol ‘الذي يقوم بتثبيط الجهاز العصبي اللاإرادي الطرفي و أضاف المؤلف المشارك في هذه الدراسة جوليان سافوليشكو البروفيسور في كلية الفلسفة من جامعة أوكسفورد: “إن مثل هذه الأبحاث تثير الإحتمالية المحيرة بأن سلوكياتنا العنصرية اللاواعية من الممكن تعديلها بإستعمال الأدوية، إحتمالية تتطلب تحليلاً أخلاقياً متأنياً” .

إن ما يصرف النظرَ عنه هؤلاءُ العلماءُ هو إحتمالية أن هذا الإنحياز العنصري المضمر، المتواجد على مستوى اللاوعي، هو آليّةٌ للبقاء على قيد الحياة تطورت على مدى آلاف السنوات . حيث يقترح السير آرثر كييث -عميد علماء الأنثربولوجيا البريطانيين- أن وجود قانون أخلاقي متبادل من الإيثار بين صفوف الجماعة الواحدة، و التشكيك بمن هم غير منتمين للجماعة هو سلوك فِطري لضمان ديمومة وجود هذه الجماعة . في عصرنا الحالي يُقال لنا أن هذه الصفات الأولية ينبغي أن تُمحا بإستخدام الهندسة الاجتماعية و الترسيخ الايدلوجي وحتى الإستعمال الإجباري للأدوية على نطاق واسع . في أيام كييث، كانت العالَميّةUniversalism يُنظَر لها بأنها موجة المستقبل التقدميّة، بمصطلح مشابه لما يسمى حالياً العولمةGlobalization  والوحدتية البشرية .

تشير اختبارات اوكسفورد هذه إلى أن هذه العنصرية المُضمَرة هي فِطرة بايولوجية كما يصفها السير ارثر كييث؛ لذلك فإن ظاهرة عدم الثقة الاجتماعية المنتشرة والراسخة في المجتمعات المتعددة الثقافات، من المرجح أنها منغرسة في الجهاز العصبي اللاإرادي . هذا الإعتلال الخلقي المستمر -كما يرونَه- يمكن معالجته بإضافة كميات كبيرة من البروبرانولول في أنابيب إمدادات المياه العامة كطريقة من طرق العلاج الجَمْعي الإجباري . و بما أن العنصرية تُعتبر سبباً من أسباب الأمراض، لذلك يمكن تبرير علاجها بأنها قضية من قضايا الصحة العامة !

دراسة بوتنام

 من بين الدراسات العديدة التي استُشهِد بها في هذه المراجعة التحليلة، هي التي أجراها عالم العلوم السياسية في جامعة هارفارد الدكتور روبرت د. بوتنام و التي شملت 40 مجتمعاً و30,000 نسمة في الولايات المتحدة، أجريت هذه الدراسة في عام 2007 و أفضت نتائجها إلى أن التنوع العرقي يقلل من الثقة الاجتماعية ويولِّد مشاعراً من الضعف والعزلة .

 بوتنام و علماء اجتماع آخرون لم يتمكنوا مراراً من الحصول على النتائج التي تمنوها، مع ذلك ظلوا متفائلين بأن التنوع العرقي من الممكن إنجاحه من خلال البحث عن الأمثلة في ظروف/ حالات تم ابتداعها، حيث يتم خلق “المصالح المشتركة”؛ بطريقة أقلَّ ما توصف به أنها تتحايل على النتائج في الظروف الطبيعية بصورة مؤقتة أو جزئية، في عالَمٍ يمكن للخراف ان تجالس الوحوش الضارية باطمئنان ! 

أعطى بوتنام نظرة متفائلة -من وجهة نظر ليبرالية- بأن دراسته عن التشرذم الاجتماعي الناتج من التنوع العرقي، يمكن تفاديها من خلال التدقيق في هذه الحالات التي تمّ ابتداعها مثل المؤسسات العسكرية والدينية :

لكن على المدى البعيد، فإن مجتمعات المهاجرين الناجحة قد تغلبت على هذه التفرقة من خلال إنشاء أشكال جديدة من التضامن الاجتماعي و هويات إجتماعية شاملة أكثر. حيث تُنشَر رسوم عن الإرتياح للتنوع العرقي مقتبسة من الجيش الأمريكي والمؤسسات الدينية و الموجات الأولى من المهاجرين الأمريكيين. “

إن هذه المجتمعات الظرفية Situational Communities قد تأخذ بعضاً من صفات المجتمعات العرقية . فالظرف الذي يتطلب تشكيل مجتمعاً سيخلق بحد ذاته شعوراً بالتضامن مع المنتمين لها و هوية خاصة مقارنة بمن هم خارجها وسِمات هذه المجموعة قد تطغى حتى على سِمات العرق البايولوجي . لذلك فإن أفراد قوات المارينز لهم أخلاقياتهم الخاصة و هيكليتهم و تاريخهم و هدفهم الخاص بغض النظر عن تركيبتهم العرقية مقارنة بمن هم غير منتمين للبحرية؛ كذلك الحال بالنسبة لناسكي الأديرة، الفرق الرياضية، فرق عزف الأوركسترا و أخويّات الكلية .

 من الممكن أن تُبنى ‘أمة’ ما من خلال إندماج عدة جماعات عرقية في جماعات جديدة، إذا كان بناء الأمة والدولة قوياً بما فيه الكفاية بالأخص من ناحية أخلاقيات المنتمين للجماعة مقارنة بمن هم خارجها . فاليهود و اليهودية هي مثال واضح قوي عن هذا المفهوم . مع ذلك فحتى إسرائيل التي تعد ربما أفضل دولة ممكنة تم بناءها على أساس تكوين جماعة معينة عابرةٍ لحدود العنصرية و التي أُسِست على أساس إندماج عدة جماعات عرقية على مدى الاف السنوات وترابطها حول أخلاقيات ومنظومة أساطير قوية، حتى هي بقيت منقسمةً بين السيفاردية والأشكنازية و بيتا إسرائيل !

الوحدة تتحقق في التنوع ؟

هل المجتمعات الظرفية  -كما وصفها بوتنام- بالضرورة قادرة على الحفاظ على استقرارها عند تعرضها للضغوط ؟ يشير بوتنام إلى مجتمع الجيش كمثالٍ عن مجتمعٍ يتمكن من المحافظة على الوَحْدة في طل التنوع ! لكن هل هذا حقاً ممكن ؟

 إن ولاء الجيش عندما يوضع تحت الضغوط كان دائماً مسألة مثيرة للقلق بالنسبة للحكام. ففي ورقة نشرت عن تجربة الجنود السود في فيتنام :

“من أقل جوانب تاريخ حرب أمريكا وفيتنام شهرةً وأكثرها أهمية هو جانب التمرد الداخلي الذي إجتاح الجيش الأمريكي. من سجن بينه في فيتنام الى قاعدة ترافيس الجوية في كاليفورنيا إلى حاملات الطائرات في بحر الصين الجنوبي، كانت القوات المسلحة تواجه مقاومة وإضطرابات واسعة. المعنويات والإنضباط العسكري إنخفض إلى أدنى مستوياته في عموم الجيش. حيث إنتشرت في الخفاء جرائدُ هيئات رافضة للحرب في كل مكان. ومعدلات الغياب غير المرخص وصلت الى مستويات غير مسبوقة: ففي عام 1971 كان هنالك 17 حالة غياب من دون إجازة و7 حالات هروب لكل 100 جندي في الجيش. كما حصلت أشكال أقسى من التمرد من قبيل- إدمان المخدرات، إنتفاضات عنيفة، عصيان للأوامر وحتى إعتداءات ضد القادة. كمحصلة لهذه المقاومة ضمن صفوف الرتب العسكرية كان شرخاً كبيراً في فاعلية الجيش والقدرة القتالية. ففي عام 1969 فَتِئ الجيش عن القيام بوظيفته كقوة قتالية فعّالة و بدأ بالتفكك سريعاً . حيث تحتم إنسحاب القوات المسلحة من إندوتشينا للحفاظ على ديمومتهم ليس إلا. من أكثر الأفراد تمرداً في وقتها كان جنود المشاة السود من بين كل الجنود في حرب فيتنام، كان الجنود السود وبقية الأقليات على الدوام أكثر الجنود فاعلية في مناهضتهم للحرب وللظلم العسكري . إن موجات التمرد التي هزت المدن الأمريكية مثل مدينة واتس ونيوارك وديترويت، إندلعت في مؤسسات كبرى للجيش في السنوات اللاحقة. والنتيجة كانت جيشاً مُزِّق بالتمرد العرقي”

‘تجربة السود’ في الولايات المتحدة الأمريكية كانت أقل من قادرة على غرس قاسم مشترك في نفوس جنود المشاة السود مع رفقائهم البيض في حربهم ضد العدو الظاهري . في الواقع، كان العدو بالنسبة للجندي الأسود هو الجندي الأبيض بينما كان لهم قاسم مشترك مع جيش فيت كونج . إن الإحساس بكونك ‘أمريكياً’ كان أكثر ضبابية من أن يقدِّم قاسماً مشتركاً حتى في هيكلية محكومة بشدة مثل الجيش .

إذا كانت مفاهيم السلطة والهرَميّة والإنضباط العسكري، حتى في وقت مواجهة عدائية مع من هم خارج الجماعة، غير كافية لإدامة شعور الإنتماء لمن هم داخلها، فإلى أي مدى سيلجئ علماء الاجتماع والسياسيون و من معهم إلى الطغيان والإستبداد لتحقيق مآربهم ؟

على الرغم من الأعمال العديدة التي من المفترض أن تُظهِر ‘صفات العنف والإضطهاد التي يتميز بها’ اليمين فإن المهندسين الإجتماعيين في وقتنا الحالي في الأكاديميات والسياسة وعالم الأعمال، هم ورثة اليعقابة و البلاشفة . لم تُراق الدماء على مدى التاريخ مثلما أُريقَت في ظل الدول والأيديولوجيات التي سعت إلى ‘المساواة’ كهدفٍ نهائي .

هذه المراجعةُ تطرح السؤالَ التالي: هل يُضعِفُ التنوع العرقي الثقةَ الاجتماعية؟

هنالك العديد من الدراسات التي بحثت في هذا السؤال على مدى خمس وعشرين سنة، وبنتائج متفاوتة. إن هذه الدراسة الميتا-تحليلية تهدف إلى إيجاد أنماط مشتركة من خلال تحليل البيانات من الدراسات المنشورة والتي شملت 1001 تقديراً من 87 دراسة .

هنالك عدة تعريفات للثقة الاجتماعية تم فحصها:

1- الثقة الاجتماعية العامة ( مع الغرباء) .

2- الثقة بغير المنتمين للجماعة .

3- الثقة بالمنتمين للجماعة .

4- الثقة بالجيران .

أهم النقاشات الدائرة في الدراسات المنشورة : النقاش الأول : لماذا يُضعِفُ التنوعُ العرقي الثقةَ ؟ أي بما معناه لماذا العيش بمقربة ممن هم غير منتمين للجماعة يؤدي إلى عواقب أكثر على صعيد الثقة الاجتماعية ؟

فإذا وظّفت شركةُ تقنياتٍ أمريكية عدداً ملحوظاً من إختصاصيي التقنية الهنود، وتبجحت فيما بعد بالمنافع التي جلبهاالتنوعللشركة، هل يمكننا حقاً أن نقول أن هذه المنافع سببُها التنوعُ العرقي، أو بالأحرى سببها توظيفُ الشركة خصيصاً للأشخاص ذوي الخبرة المتطورة في هذا المجال ؟

في دراسة أجريت عام 2015 من قبل إثنين من مؤلفي هذه المراجعة، دينسين و سونديرسكوف، وجد أن مجرد ‘التعرض لأناس من من خلفيات عرقية مختلفة يُضعِف الثقة الاجتماعية’.  إن هذا مرتبِطٌ بمفهوم النفور من غير المنتمين للجماعة. حيث تلعب ‘الأعراف المشتركة’ وغيرها من العوامل دوراً في ذلك، و أن هذه الأعراف المشتركة تمثل سمةً مميِّزة لما يعرف بالجماعات Ethnos .

وهنا تبرز لنا القرابة الجينية و التي تعد ذاتَ أهمية كبيرة للتيار اليميني، فيما تُعتبَر أقلَّ أهميةً مِن التاريخ المشترك في تكوين الجماعات . سواءً عرّفنا مفهوم الجماعة ككينونة بايولوجية مبنية على أساس التشارك في جينات معينة، أو بأنواع من الحيوية التاريخية Vitalism كما إقترحها يوكي Yockey و شبينجلر Spengler، فذلك لا يُنكِر أنها تعمل على عدة مستويات، الواعية منها واللاواعية .

إن المسعى اليوتوبي إلى إختزال جميع الأفراد في فردٍ عالميٍ غير متمايز عن غيره بإسم ‘الإنسانية’ هو أمر شديد الريبة . فهل إزالة النفور ممن هم غير منتمين للجماعة هو هدف مرغوب فيه حتى ؟ و ما هي العواقب لذلك ؟

قد يشكك البعض بالكليشيهات التي تروج لها كبرى الشركات والوكالات الحكومية بكونها ‘شمولية’ و’متنوعة’، وما توفره لها هذه الصفات من القوة . فإذا وظّفت شركة تقنيات أمريكية عدداً ملحوظاً من إختصاصيي التقنية الهنود، وتبجحت فيما بعد بالمنافع التي جلبها التنوع للشركة، هل يمكننا حقاً أن نقول أن هذه المنافع سببُها التنوعُ العرقي، أو بالأحرى سببها توظيفُ الشركة خصيصاً للأشخاص ذوي الخبرة المتطورة في هذا المجال ؟ فبدلاً من وجود التنوع، سيكون هناك للشركة ثقافةٌ مشترَكة و قيم وأهداف مشترَكة أيضاً، و لكن حتى في مكان العمل، كما سنراه لاحقاً، فإن دينسين قد وجد أن التنوع يُضعِف الثقةَ الاجتماعية .

يشير المؤلفون أيضاً الى إزدياد ‘الثقة بالمنتمين للجماعة’ عندما يدرك المرء بأنه محاطٌ بأفراد من جماعات عرقية مختلفة، كما تشير دراسات أخرى إلى ‘تفضيل الناس الفطري للتفاعل مع الأشخاص المشابهين لهم .

النقاش الثاني: هل يمكن للتواصل أن يقلل من الأثر السلبي للتنوع العرقي ؟ حيث تقترحُ نظرية التواصل بأننا يمكننا جميعاً أن نتعايش معاً في يوتوبيا متعددة الثقافات إذا سعَينا لإمتلاك أصدقاءٍ من أعراق مختلفة، وأن التجارب الإيجابية ستقضي على أي أحكام مسبقة ورثناها من أجيال أباءنا وأجدادنا المتعصبين ؟

نشر عالم الاجتماع جيمس غريغور ورقة بحثية في مجلة يوجينيكس ريفيو Eugenics Review في عام 1961، ناقش فيها ظاهرة ‘التحيز العنصري’ المتواجدة بشكل مستمر في مختلف الثقافات وعلى مدى الاف السنوات . فالصفة التي وضّحها السير ارثر كييث كميكانيكية تطورية للبقاء على قيد الحياة، ناقشها جيمس غريغور من ناحية إجتماعية . فوجود هذا التحيز منذ القِدَم وإنتشاره المستمر يدحضُ كل الأفكار القائلة بأنه نِتاجُ و بناءٌ إجتماعيٌ أبيض، وطريقةٌ تُمكِّنُ الطبقة الحاكمة من تقسيم الطبقة العاملة البروليتاريا. حيث يشير غريغور إلى إن ‘أي شيءٍ يتعدى التواصل البسيط أو المؤقت بين أفراد من أعراق مختلفة تماماً في عصر ما قبل الرأسمالية وفي عصرها، سيتسبب بالتحيز و و نشوء محاولات لاحقة لعقلنة هذه التفضيلات’ . وهذا جزءٌ من الإنسان بوصفه مخلوقاً إجتماعياً، يتجلى هذا الجزء في الظروف التاريخية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها الجماعات البشرية .

فمثلاً : في المكسيك، قضى السكان الأصليون على صفة البرص لأنها إبتعدت عن العرف الشائع . وفي غينيا الجديدة، كان أفراد القبائل الأصلية Papuans يضعون الأطفال ذوي البشرة الفاتحة على نار من أغصان خضراء حتى تكتسب جلودهم صبغةً داكنة.12 والصينيون يسمّون الأوروبيين بلفظ ‘غويلو’ المسيء والذي يعني ‘شبح’. أما اليونانيون فيعتبرون غير اليونانيين بـ ‘البرابرة’ أي مقارنةً ببقية البشر. ليس من هذه الأمثلة قد تسبب به المجتمع الابيض، ولا الرأسمالية .

ومن المثير للأهتمام، أن مؤلفي هذه الدراسة الميتا-تحليلية يتسائلون فيما إذا كانت الثقة بغير المنتمين للجماعة تقلِّل مِن الثقة بالمنتمين للجماعة !

أيّ أن التنوع العرقي المنسجم يقوض التضامن مع المنتمين للجماعة. هل هذا مرغوب فيه ؟

بالنسبة لمعتنق الليبرالية ومدير الشركة، فإن الجواب هو : نعم .

طبيعة التمييز

تمتلك الشركات سياسة علنية تتضمن الشمولية و التنوع كجزء من مواثيقها، والتي لا تقتصر في الوقت الحالي على العرق، بل تتضمن أيضاً الجندر بأشكاله المتزايدة بإضطراد . يُزعَم أن هذا التنوع يضيف الحيوية للشركة من خلال غرس مفاهيم باسكال زاكاري الموجودة في كتابه ‘global me’، أو مصطلح البشريّ الاقتصادي Homo oeconomicus كما يشير إليه تيار اليمين الجديد بوصفه جانباً من جوانب عملية العولمة . لكن مع ما ذكر سابقاً، هل يمكن أن تكون هذه الظروف المبتدعة هي أمثلة حقيقية للتنوع ؟، أم أنها أمثلةٌ عن مُثاقَفَة acculturation ضمن ثقافة الشركة المهيأةٍ مسبقاً، والتي لا يمكن لأحدٍ الإنضمام لها من دون خلفية مشروطة تطغى على كل الجوانب الأخرى لشخصية الفرد؟ فالشركة تصبح مثل “الجماعة”، وإجراءات الإنتقاء للإنضمام لها ستكون صارمة مثل إجراءات القبول في قبيلة ما. فعملية توظيف الشركة للموظفين هي شكل من أشكال التحيز و التمييز، وستعم الفوضى من دون ذلك . فإلى أي مدى يُمكِن أو ينبغي لمُقدِّم طلب الإنضمام لفرقة أوركسترا أن يستمر من دون إمتلاكه أيَّ خلفيةٍ موسيقية ؟ وهل ينبغي لقزمٍ مصابٍ بشلل سفلي أن يحظى حتى بفرصة لتجارب الأداء في فريق كرة قدم ؟ إن التمييز جزء أساسي من الثقافة والمجتمع .

عدم القدرة على التمييز هي دلالة على تطور غير مكتمل . و الجنة اليوتوبية الليبرالية المتمثلة في طفل أبيض وطفل أسود يلعبان معاً كأصدقاء، هي صورة مُتخلِّفة عندما يُراد تطبيقها بصورة عامة وعالمية مع البالغين . ربما لهذا السبب يمكننا أن نُميز السمة المتخلفة لليبراليين واليساريين عندما يتهسترون في حديثهم مع ‘الفاشيين’، وعدم قدرتهم على التصرف بعقلانية ؟ فالقدرة على التمييز هي جزء من تطور الطفل العقلي . يبدو أن التصرفات المثالية للبالغين كما يراها الليبراليون هي الإنتكاس إلى مرحلة التفكير الصوري من الذكاء العملياتي التي تتواجد طبيعياً في الطفل بعمر السنتين حيث لا يمتلك حتى الان القدرة على التصنيف، وإنما ‘ينظر للأشياء المتشابهة وكأنها متماثلة في تصنيفٍ غير واضح المعالم .

الشخص المثالي للشركة

يصبح الفرد تابعاً للشركة من خلال الإنسلاخ عن خلفيته العرقية، وليس بسبب خلفيته العرقية أو الجندر، ويندمج بعدها في ثقافة الشركة . حيث ينقطع الفرد عن كونه ذكراً، أنثى، قوقازي، أسيوي، أفريقي ويتبنى الصفات المشتركة لتابِع الشركة؛ البشريّ الاقتصادي، ‘أنا العالمي’. هذا ما يريده مخططوا الشركات و أتباعهم السياسيين للعالم كله، والنتيجة هي النقيض من ‘التنوع العرقي’: في ثقافة أحادية شركاتية عالمية، وطبقا لمروجي البروباغاندا لها، فإن الأمم الأكثر ترحيباً بفتح حدودها -الأمر الذي يتحمس له اليساريون بنفس القدر- ستكون الأكثر نجاحاً في عملية العولمة، والأفراد الأكثر نجاحاً في ظل العولمة هم الأشخاص الأكثر تكيفاً مع الثقافة الشركاتية العالمية، والأكثر إنسلاخاً من أي جذور بايولوجية .

عندما يدقق المرء عن قرب في الدوافع الكامنة وراء شجب الأكاديميين للتيار اليميني بوصفه تهديدا إرهابياً، والرفضالعلميلما يسمىالعنصرية، و خلف واجهة الإستقامة الأخلاقية هذه، يمكث الترويج لمصالح العولميين.

وهنا ينبغي للمرء أن يدرك الفرق بين الهوياتية Identitarianism التي يتبناها اليمين و سياسات الهوية Identity politics التي يتبناها اليسار والشركات الداعمة له، على الرغم من الخلط المشوش بينهما، كما يفعل د. جوردان بيترسون . لذلك، فأن أشد أولئك المعارضين لـ ‘خطر’ اليمين و الهوياتية، لكون هذه الأيديولوجية تدعو للتمسك بالروابط الحيوية مثل الجندر الثنائي والتنوع العرقي، يهدفون إلى تفكيك هذه الروابط الحيوية من خلال الإكثار من هويات غير حيوية مبتدَعة، هويات ضبابية ومنكسرة الى الحد الذي لن يكون الناتج النهائي لها تنوعاً صحياً عبر أرجاء العالم، وإنما سينتشر ‘الأنا العالمي’ بصفته نوعاً جديداً من البشرية المعولَمة مصمماً خصيصاً لإقتصاد عالمي .

عندما يدقق المرء عن قرب في الدوافع الكامنة وراء شجب الأكاديميين للتيار اليميني بوصفه تهديداً إرهابياً، والرفض “العلمي” لما يسمى العنصرية، و خلف واجهة الإستقامة الأخلاقية هذه، يمكث الترويج لمصالح العولميين . أحد رموز الأكاديمية البارزين لهذه الحملة هو النيوزلندي د. بول سبوونلي Dr Paul Spoonley، عالم إجتماعٍ إمتطى جوادَ الشهرة من خلال أطروحته المسهبة عن اليمين في نيوزيلندا، و الذي يُقدَم في وسائل الإعلام بوصفه خبيراً كلما إقتضت الحاجة إلى حملة تشويه ضد اليمينيين . فحوى الكلام أن الهجرة مستحسَنة بالنسبة للتجارة من ناحية إستثمارات المهاجرين ومهاراتهم:

“يشكل المهاجرون الماهرون حوالي 60 بالمئة من مجموع المهاجرين. وبوصول هؤلاء سينتج لنا أعمال جديدة، استثمارات جديدة و علاقات جديدة مع أسواق تصدير مهمة. ‘يمكننا حساب ما يمكن أن يساهمون به ونقارنه بما يحتاجونه من ناحية الرعاية الصحية والفوائد،’ صرح سبوونلي. ‘المهاجرون في مدينة أوكلاند يساهمون أكثر في نواحي الضرائب والفوائد الاقتصادية. لذلك، فإن محصلة مساهمتهم هي أعلى من السكان المحليين” .

هل يختلف المُحافِظون ذوي مفهوم الأمة الواحدة في طريقة تفكيرهم عن الأكاديميين الليبراليين أمثال د سبوونلي، عندما يكون المعيار للهجرة والحصول على الجنسية هو العمل والإستثمار ودفع الضرائب ؟

كذلك يتضح جلياً خلف هذه السردية الأخلاقية، أن الشغل الشاغل لمنظمة الأمم المتحدة في موضوع الهجرة هو وسائل “استبدال” شعوب الدول ذات البشرة البيضاء لكونها تعاني أزمة ديمغرافية متمثلةً بهبوط معدلات الولادة والتي تتوقع منظمة الأمم المتحدة بأنها ستؤثر بشكل سلبي كبير على الإقتصادات المتطورة . لكن عندما يحذر الهوياتيون والمعترضون اليمينيون من هذه النزعات بكونها علامات على إعتلالات ثقافية أوسع، ويسمون نفس هذه العملية بـ ‘الإستبدال الأعظم’، يُنتَقَدون بشدة على أنهم تهديدات إرهابية !

تقتبس هذه الدراسة الميتا-تحليلية من دراسة نشرت سنة 2019 من قبل دينيسين، سونديرسكوف وثويسن عن علاقة التنوع العرقي والثقة الاجتماعية في أماكن العمل، مع التركيز على الدنمارك بالخصوص لكون الإحصائيات فيها شاملة.18 حيث يصرح دينيسين بأن التنوع الاجتماعي في أماكن العمل، له نفس التأثير السلبي على الثقة الاجتماعية مثل تأثير التنوع العرقي على مستوى الحي السكني. فكلما كان مكان العمل أكثر تنوعاً، إزداد إنعدام الثقة الاجتماعية، مما يدل على أن التنوع العرقي ذو تأثيرٍ سببيٍ على الثقة الاجتماعية . تأخذ هذه الدراسةُ في الحسبان العديد من المتغيرات الأخرى كالمستوى التعليمي وأنواع العمل المختلفة، وكانت نتائجها متوافقة .

تقدير النتيجة النهائية 

بعد أن شرح المؤلفون متغيرات هذه الدراسة، إتجهوا الى شرح منهجية ‘المقاربة الميتا-تحليلية’. فالهدف هنا تجاوز خصوصيات كل دراسة من هذه الدراسات السبع و ثمانين، ‘لتقدير نتيجة نهائية تلخص هذا التأثير’، وكذلك ‘تقدير النتيجة النهائية في العلاقة بين التنوع العرقي والثقة الاجتماعية’.

إن هذا التحليل عبر عدة دراسات، والذي يعد الأول من نوعه، مع أنه يدعم نتائج التحليلات الأخرى التي تعتمد على منهجيات مختلفة، إلا أنه يبين أن ‘تقدير النتيجة النهائية للعلاقة بين التنوع العرقي والثقة الاجتماعية سلبيٌ’. فكلما كان المكان أكثر تنوعاً، كانت الثقة الاجتماعية أقل. ففي معظم الدراسات وليس كلها، كان التأثير السلبي للتنوع على الثقة الاجتماعية ملحوظاً.21

في كل مرة يتم إجراء بحثٍ تُظهر نتائجه أن جانباً من جوانب التنوع العرقي من الممكن إظهاره بكونه يمتلك تأثيراً أقل وطأةً من السلبي، فإن هذا البحث كما يتوقع المرء، سيتم الاحتفال به كمثالٍ لنجاح بعض التجارب متعددة الثقافات، بطريقة معينة وفي سياقٍ معين. وكما أشرنا سابقاً، إلى أن السياقات المبتدَعَة لا تدل على شيءٍ أكثر من كون الهندسة الاجتماعية وترسيخ العقائد والإجبار قد تكون قادرة على تشويه الصورة الطبيعية للعلاقات البشرية. لحسن الحظ، فإن مؤلفي هذه الدراسة بتأكيدهم المستمر على ‘تأثُر الثقة الاجتماعية سلبياً بالتنوع الثقافي’ وأن هذا ينطبق على بدرجات متفاوتة على كل أشكال هذه الثقة، فإنهم يوفرون على القارئ عناءَ الكليشيهات الأخلاقية التي يجد علماءُ الاجتماع أنفسهم ملزمين بإلحاقها بأوراقهم البحثية عندما لا تتوافق الأدلة البحثية المنتشرة مع إنحيازاتهم الشخصية. فعلى سبيل المثال، العالم بوتنام الذي تم الاقتباس منه في هذه الدراسة، ودراساته تمثل جزءاً من الدراسات في هذه الدراسة الميتا-تحليلية، وبالرغم من أن دراساته أشارت إلى أن التنوع الاجتماعي يزيد من إنعدام الثقة الاجتماعية، فإنه يصرح -بكونه متحمساً علانيةً للديمقراطية الليبرالية الأميركية- في ضد هذه الإنتقادات، بأن دراساته على العكس من ذلك تشير الى ‘منافع كبيرة للتنوع العرقي على مجتمعنا’. في عام 2012، تمادى بوتنام الى الحد الذي يرفعُ فيه دعوى قضائية ضد مجموعة من الباحثين ذوي الميول ‘المُحافِظة’ لإستخدامهم ورقتَه البحثية المنشورة في عام 2007 الموسومة ‘ الواحد المنبثق من العديد: التنوعُ والمجتمع في القرن الواحد والعشرين’ في قضيةٍ قانونية تتضمن ‘التمييز الإنعكاسي‘ في التعليم . ويجادل بوتنام بأن التنوع العرقي ليس السبب الوحيد في التأثير السلبي على الثقة الاجتماعية، بل هناك عوامل أخرى فكّر بها مثل دور التكنولوجيا في إضعاف ‘رأس المال الاجتماعي‘ مسببةً الإنعزال و نقصان المساهمة المدنية . كما يؤكد أيضاً أن التنوع يُضعِفُ الثقة الاجتماعية بصورة أساسية في الأحياء السكنية وليست المدارس والكنائس وأماكن العمل. كل مواطن الإعتراض هذه يمكن للناقد اليميني قبولها من دون الخوض في بهلوانيات عقلية متوترة للتقليل من تأثير عامل العرق بصورة ما . فقد أظهر الميتا-تحليل لهذه الدراسات ومن ضمنها دراسة بوتنام، أن مستوى الأحياء السكنية هو أكثر مستوىً أضعَفَ فيه التنوعُ العرقي الثقةَ الاجتماعية؛ لكن على النقيض من تصريح بوتنام الأخير، فالتأثير السلبي للتنوع متواجدٌ في كل أشكال وأماكن الثقة الاجتماعية .

في عام 2015، أُجريَت محاولاتٌ لدحض ورقة بوتنام البحثية عن التنوع العرقي والثقة الاجتماعية في الأحياء السكنية، وقد يعتقد المرءُ بأنه سيكون مسروراً لدحض نتائجه. إستنتجت هذه الورقة البحثية بأن البيض هم أكثر من يشعرون بإنعدام الثقة في الأحياء السكنية وهذا يعني حقاً أن إنعدام الثقة هذا لا يعكس إلا ‘تحيزاً’ أبيض. هذه الدراسة تؤكد بتفاؤل أن “أدلتنا تقترح أن لا علاقة ذات معنى بين التنوع العرقي ومقاييس الثقة والتعاون”. وعندما لا يمكننا إنكار إنعدامِ الثقة الاجتماعية، فإنه يتم اللجوء للعوامل الاقتصادية والإجتماعية . فمؤشرات الحالة الاقتصادية وبالأخص التعليم والرِضا الاقتصادي، تشير إلى إيجابية مقاييس الثقة .

يقوم الميتا-تحليل بتفحص المتغيرات التي تم مناقشتها في دراسة 2015،. حيث يظهر الميتا-تحليل وجود (نمطٍ ثابت من العلاقة السلبية بين التنوع والثقة الاجتماعية) وهذا ما يدعم ما لاحظه بوتنام (عام 2007) من ميكانيكية (العزلة الإجتماعية) متوقِعاً نقصاناً عالمياً في كل أشكال الثقة في الأماكن المتنوعة عرقياً .

 أكثرُ الإكتشافات ثباتاً هو التأثير السلبي للتنوع العرقي في الأحياء السكنية حيث وجِدَ في الولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا وهولندا والسويد. وكلما كان التواجد أقرب لأناس ينتمون لجماعات أخرى، كان مستوى إنعدام الثقة أعلى . هذا يناقض العقيدة القائلة بإمكانية تحسين العلاقات ما بين الأعراق من خلال التواصل الشخصي مع أفرادٍ غير منتمين للجماعة . أي يدحض تأثير أفكار الإندماج و المشاريع المشتركة المصممة لكسر إنعدام الثقة بغير المنتمين للجماعة . تم مناقشة هذه الفكرة من قبل المؤلفين، لأن عدة دراسات أخرى تزعم أن التواجد على مقربةٍ من غير المنتمين للجماعة سيعزز الثقة الاجتماعية . يشير الباحثون الى أن هذه الدراسات تتشارك بـ ‘تقديراتٍ شخصية منحازة وغير دقيقة في تقدير التواصل’ .

كما راعت هذه الدراسة الميتا-تحليلية الإعتراضات التي ذكرتها ورقة 2015 البحثية تحت عنوان النقاش الثالث: هل إن التنوع العرقي هو دائماً محلٌ للمشاكل الاجتماعية؟ أي هل إن هذا الأمر يتعلق بالعلاقات العرقية بحد ذاتها أو بسبب المشاكل الاجتماعية والجرائم؟ الإجابة عن هذا السؤال في هذه الدراسة تتم من خلال ‘المقارنة إحصائياً لتجنب العوامل المُربِكة المحتَمَلة Confounding factors‘ على الصعيدين العقلي والظرفي . هذا الأمر صعبٌ بسبب المعضلة المستمرة منذ قديم الزمان في التفريق بين النتيجة والسبب؛ أو، كما يصفها المؤلفون، هل هذه العوامل ‘مُربِكة أم وسيطة “في العلاقة بين التنوع العرقي والثقة الاجتماعية؟ من أجل حل هذا الخلاف، سمح المؤلفون بإستخدام المستوى الاجتماعي والمستوى الاقتصادي، ‘الحرمان الاقتصادي-الاجتماعي الظرفي و الجريمة الظرفية”.

الخاتمة

يختم دينيسين و زملاؤه هذه الدراسة بتساؤلهم: ماذا يمكن لصانعي السياسات القيام به للتخفيف من ضعف الثقة الاجتماعية الناتج من التنوع العرقي. وما هي المؤسسات والسياسات العامة المتوفرة لتقليل هذا ‘التأثير السلبي’؟

قد يتسائل البعض فيما إذا كان مؤلفون مثل د. بوتنام وغيره، تم مقتهم لقبولهم بنتائج بحوثهم الخاصة، ولذلك فإنهم بعد كل هذا الجدل العلمي، ينحسرون إلى مُتبَنياتهم الأيديولوجية ؟ وماذا يمكننا أن نفهم من إقتراحهم القائل بأنه من الممكن ‘تطبيقٌ تدريجيٌ لسياسات الإندماج في الدول كتجارب مختلفة ظاهرياً’؟ قد يتسائل المرء لماذا عالِمٌ، أظهرت دراساتُه مراراً وتكراراً أن الإندماج يُضعِف الثقة الاجتماعية، يسانِدُ سياسةَ ‘التدريجية’ كتجربة إجتماعية ؟ هل يقترح المؤلفون أن مقاربةً معدَّلة لنفس السياسات الفاشلة التي تسببت في إنعدام الثقة الاجتماعية، متمنين أو مؤمنين أن النتائج ستكون مختلفة بطريقةٍ ما ؟ هذا مسار كل أيديولوجية فاشلة: لو أن العقيدة تم تطبيقها بطريقة مختلفة، ستكون النتائج مختلفة ايضاً؛ بدلاً من التمحيص فيما إذا كانت العقيدة نفسها معيوبةً بشكل لا يمكن معالجته وأنها ستؤدي إلى نتيجة سلبية مهما كانت طريقة تطبيقها .

العبارة الأخيرة في الدراسة تُبقي السؤال مفتوحاً فيما إذا كان التنوع والإندماج سيزيد أو يقلل من إنعدام الثقة الاجتماعية. على الرغم من الشكوك التي تم تفسيرها فيها ، فإن الميتا-تحليل ودراسة دينيسين اللاحقة بخصوص التنوع في أماكن العمل، تقدم لنا إدوات تجريبية لدحض كليشيهات المتعصبين للتنوع .

المقال الاصلي :

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s